مجلة مملكتي مجلة مملكتي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

مرحباً بالتعليقات الجديدة .

اللوحات مخيفة


كتب أحمد الرفاعي

لوحات القاتمة والعنيفة في تاريخ الفن كثيرة، بل أكثر من أن تعد أو تحصى.

هناك مثلا بعض لوحات بيتر برغل وايغون شيلا وتجسلاف بيشينسكي وجون هنري وكلها جديرة بأن تحتل مكانا بارزا في قائمة تتناول مثل هذا النوع من الأعمال الفنية وفي هذه القائمة يستعرض آرثر ويندرمير اللوحات العشر الأكثر ظلمةً ورعباً في تاريخ الرسم العالمي .

كان وليام بليك فنانا وشاعرا رومانسيا ابتكر أساطير استند فيها إلى الإنجيل وضمنها رؤى وأفكارا مخيفة كان يزعم انه تلقاها منذ الصغر وكان يرسم أشعاره ويزينها بصور مائية رائعة حينا ومزعجة أحيانا. كما كلف برسم الصور الإيضاحية لكل من الإنجيل والكوميديا الإلهية ومن أشهر رسوماته التي وضعها للإنجيل السلسلة المسماة التنين الاحمر العظيم .
في إحدى تلك اللوحات، واسمها التنين الأحمر ووحش البحر، يرسم بليك تنينا بملامح إنسان له جناحان هائلان منقوش عليهما نجوم ربما في إشارة إلى القوة الكونية للشر، التنين الضخم ذو الرؤوس المتعددة التي يبرز منها قرون ينظر إلى أسفل حيث يظهر وحش آخر في البحر ممسكا بيد سيفا وبالأخرى ما يشبه الصولجان هذا الوحش له رؤوس كثيرة لكن هيئته اقل بشرية من هيئة التنين تجدونها الصورة الثانية .


الفنان الألماني البريخت ديورر عرف بلوحاته المذهلة من بين أشهر أعماله سلسلة لوحاته عن القيامة والتي تتكون من خمسة عشر رسما صممها لسفر الرؤيا اللوحات تتحدث عن بعض قيم وأفكار القرون الوسطى التي تتمحور حول الفضيلة وأبعادها الدينية والفكرية والأخلاقية، من أكثر تلك اللوحات إثارة للخوف والرهبة اللوحة المسماة (الفارس والموت والشيطان) فارس ديورر يمتطي حصانا شاحبا ويمر من أمام الموت الذي يأخذ شكل مخلوق متعفن ومشوه يمسك بساعة رملية في إشارة إلى تسرب وقصر الحياة في اللوحة، أيضا أشجار ميتة وعلى طول الطريق مجموعة من الأهوال والعقبات التي تحاول إعاقة الفارس وإخراجه عن مساره اما الشيطان يتربص وراء الرجل متخذا هيئة مخلوق مشوه هو الآخر له قرن طويل ويحمل رمحا ويبتسم ابتسامة ماكرة هناك أيضا في اللوحة جمجمة وسحلية تسير في الاتجاه المعاكس للفارس معاصرو ديورر ذهبوا إلى انه كان يحاول في اللوحة تصوير فكرة الراهب ايراسموس روتردام عن الفارس المسيحي الذي يجب أن لا يكتفي بتأدية الطقوس الدينية بل أن يلتزم أيضا بقيم الدين وأخلاقياته، تجدونها في الصورة الثالثة .


في روايته (رحلة إلى نهاية الليل) يصف الروائي الفرنسي لوي فرديناند سيلين بطنا مفتوحا وممزقا لأحد القادة العسكريين بقوله: كل ذلك اللحم كان ينزف بغزارة. شخصية القائد البديلة تهرع عائدة إلى المعسكر وتصف ما تراه عندما يتم تغذية الجنود باللحم اللحم منتشر في كل مكان في الأكياس وعلى فراش الخيمة وعلى العشب كانت هناك أمعاء وأحشاء كثيرة، قطع من الشحوم البيضاء والصفراء، أطراف في كل مكان. كان الجنود يتنافسون بضراوة على الظفر بالأجزاء الداخلية وكانت هناك أسراب كثيرة من الذباب تحوم حول المكان، كانت تلك بعض الفظاعات الجديدة التي أتت بها الحرب في الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية، حاول الفنانون والمثقفون أن يعثروا على وسيلة للتعامل مع صدمة الحرب وظهرت نتيجة لذلك الفلسفة الوجودية التي حاولت أن تجد للبشر مكانا في هذا الكون العبثي .

 الرسام الانجليزي فرانسيس بيكون ربما يكون احد أفضل الأمثلة عن فن ما بعد الحرب. لوحاته تصور بشرا يتعذبون ويصرخون وقد حول كل الرعب الذي تمتلئ به رواية سيلين إلى صور. ورغم انه يستلهم مواضيع بعض لوحاته من أعمال كبار الرسامين مثل فيلاسكيز فإنه يلوي الشخصيات ويلطخ وجوهها ويترك عليها خطوطا كأنها آثار أنياب ومخالب كما لو أن الرسام يريد أن يمزق العالم نفسه، إحدى أكثر لوحاته المذهلة هي هذه اللوحة شخص مع لحم التي يستعير فيها بورتريه الرسام الاسباني الكبير فلايسينر عن البابا اينوسنت العاشر، البابا في لوحة بيكون يتخلى عن عرشه المجيد وعن ملابسه المخملية الحمراء التي خلعها عليه فيلاسكيز ليبدو جالسا على كرسي من الخشب وبعينين فارغتين وفتحات مشوهة وجلد متعفن وفم يصرخ، بينما تبدو خلفه قطعتان كبيرتان من اللحم النيئ. كان رودولف بريسدن فنانا غير ناجح كما عرف عنه غرابة أطواره، في لوحاته بعض من نكهة بليك وكان يعتبر اوديلون ريدون من بين تلاميذه، ومن هنا تأثيره على الحركة الرمزية وقد أعجب بلوحاته بعض أشهر معاصريه مثل شارل بودلير وفيكتور هيغو وغيرهما، أكثر لوحات بريسدن ذات طابع بشع ومظلم، لوحته (كوميديا الموت) اعتبرت تتويجا لانجازاته الفنية وفيها يرسم ناسكا جالسا على باب كهفه ومنشغلا بالصلاة والتأمّل وعلى طرف المستنقع القريب منه يظهر رجل آخر يبدو في حالة احتضار ،الطبيعة في اللوحة تأخذ شكل شياطين وأشباح وطيور وكل تفصيل فيها تكتنفه الأهوال والكوابيس جماجم عظام متناثرة وهياكل عظمية في أفرع أغصان الأشجار الملتوية وفوق المشهد إلى اليسار يظهر المسيح طافيا في الهواء وغير بعيد منه تبدو طيور لها رؤوس أشبه ما تكون برؤوس الفئران، الروائي الفرنسي شارل ماري هويسمان استوحى هذه اللوحة في روايته (ضد الطبيعة) ووصفها بقوله: اللوحة تشبه عمل شخص بدائي كما أن فيها بعضا من البريخت ديورر ولا بد وأن الفنان رسمها تحت تأثير الأفيون، تجدون اللوحة في الصورة الرابعة .


كان اوديلون ريدون رساما فرنسيا رمزيا أنجز أفضل أعماله باستخدام الباستيل وفي نهايات حياته أبدع لوحات فاتنة بالألوان غير أن أعماله المبكرة كانت الأكثر إثارة للاهتمام ويصعب الحديث عن لوحة معينة من لوحاته، فأعماله كلها، تقريبا، عبارة عن صور غريبة وأحيانا مخيفة عنكبوت يبتسم وآخر يأخذ ملامح وجه إنسان وأسنان تظهر على مجموعة من الكتب وعين عملاقة تطل على منظر ريفي وشجرة صبار لها وجه ونباتات بأغصان كرؤوس البشر إلى غير ذلك، الأشباح تعتبر واحدة من أكثر أعمال ريدون إثارة للرهبة وهي تظهِر امرأة ترتدي ملابس بيضاء وتقف في مكان يسيطر عليه ظلام حالك وحول المرأة تظهر أرواح شيطانية وأفاعي وأقنعة تترصد في الظلام ويحتمل أن لوحة ريدون تصور كابوسا، ويمكن أن تكون تصويرا لتوجس الإنسان من الظلمة وخوفه من المناطق الخفية والغامضة. تجدون اللوحة في الصورة الخامسة .


كانت الرمزية حركة أدبية وفنية فرنسية وكانت تركز غالبا على الأشياء والظواهر المروعة الأدباء الرمزيون كانوا مفتونين بالشاعر الأمريكي ادغار الان بو. كما اظهروا اهتماما بلوحات الرسام الفرنسي غوستاف مورو في إحدى لوحاته، واسمها الظهور أو التجلي، يرسم مورو الرأس المقطوع لـ يوحنا المعمدان وهو يتراءى لـسالومي في قصر الملك هارود، الدم يتدفق من عنق المعمدان بينما تحدق فيه سالومي بفم مفتوح ودموع منهمرة، بقع الدم تغطي الأرضية بينما يقف الجلاد إلى يمين اللوحة مستندا على سيفه وسالومي كما قد يتخيل الإنسان تقف وجلة مرعوبة ،الروائي جوريس هويسمان كتب باستفاضة عن هذه اللوحة في إحدى رواياته وقال واصفا إياها في هذه الصورة الوحشية والمؤلمة تمتزج البراءة بالخطر والايروتيكية بالرعب كانت زهرة اللوتس الطويلة قد اختفت والإلهة قد تلاشت. والآن ثمة كابوس رهيب يمسك بخناق المرأة بعد أن أصابها الرقص بالدوار وأقض مضجعها الرعب.

الفنان الهولندي يان لويكن يمثل حالة مثيرة فقد كان شخصا مسيحيا متعصبا بعد أن عايش تجربة دينية حدثت له في صغره وكان معتادا على الصلاة والقراءة الدينية إلى حد الوسوسة ثم أصبح يكتب الشعر الأخلاقي وامتلأ عقله بقصص معاناة المسيح وشهداء المسيحية وقد كلف بعمل الرسوم الابصاحية لكتاب ديني بعنوان مرآة الشهداء يحكي عن حياة الشهداء وتضحياتهم بالنسبة لعقل لويكن التقي وربما المشوش، كان هذا يعني وابلا من صور التعذيب والرعب وأحداث الموت الرهيبة التي عاناها الشهداء على مر التاريخ، رجل نصف مطبوخ يقذف به إلى الحيوانات كي تلتهمه، نار تأكل قدمي رجل صلب طعن بالرماح إلى آخره. هذه المشاهد البغيضة والمليئة باللحم البشري المشوي الذي يتصبب منه الدم، مع كثافة الاهتمام بالتفاصيل الدقيقة، تجعل من صور لويكن بعض أكثر اللوحات ترويعا وقسوة في تاريخ الفن .


قد لا يحتاج هيرونيموس بوش إلى تعريف، كان هذا الرسام الهولندي شخصا فريدا من نوعه كان احد السورياليين الكبار وقد رسم عدة صور مخيفة لمشاهد مليئة بالبشر والرعب في لوحته (إغراء سانت انتوني) يرسم راهبة محبوسة داخل سمكة عملاقة ورجلا يقود كائنا من الزواحف وفي لوحته الأشهر ديقة الامباهح الآرضية، يصور بوش في يمين اللوحة تفاصيل من الجحيم يظهر في احدها وحش له رأس طائر وهو يفترس إنسانا بينما يجلس على كرسي مرتفع، صور هيرونيموس بوش كانت دائما مصدر افتتان الكثيرين وفي القرون المبكّرة كان الناس ينظرون إلى لوحاته على سبيل التسلية بينما اسماه البعض رسام الوحوش والغيلان. في القرن العشرين رأى بعض المؤرخين والنقاد في فنّه دلالات عميقة والبعض يرى فيه رساما سورياليا حتى قبل ظهور السوريالية بصورتها الحديثة وهناك اليوم محاولات كثيرة لتقصي جذور ومعاني لوحاته الغريبة، تجدونها الصورة السادسة .


الرسام الاسباني العظيم فرانشيسكو دي غويا صدمه مرض فتاك جعله يخشى الموت. كما عانى من الإحساس بالمرارة نتيجة تدهور الأوضاع في بلده وفي العالم. ونتيجة لذلك شرع في رسم لوحاته السوداء المشهورة على جدران منزله وقد أودع في لوحاته تلك العديد من مشاهد الشر والحروب وظواهر ما وراء الطبيعة لوحته (الماعز) تصور مجموعة من الساحرات يتجمعن حول شيطان اسود له رأس ماعز لكن أشهر تلك اللوحات والتي يمكن اعتبارها اللوحة الأكثر رعبا في تاريخ الرسم هي لوحته المسماة (زحل يفترس ابنه) في الأسطورة، يبدأ زحل بافتراس جميع أطفاله مدفوعا بخوفه من أن يخلع عن عرشه، هذا الفعل المزدوج، أي التهام الأطفال وأكل لحوم البشر يصوره غويا بأكثر الطرق ترويعا وعنفا، زحل العملاق بأطرافه العنكبوتية والبرونزية يقف في الظلام ممسكا بجسد ابنه وبإمكان المرء أن يرى أصابعه وهي تحفر في الجزء الخلفي من جسد الابن. وقد أكل للتوّ الرأس وأحد الذراعين. فم زحل مفتوح على اتساعه بينما يفترس الذراع الثانية، عيناه تلتمعان بالوحشية والجنون هذه البدائية وهذا الرعب قد لا نجد لهما نظيرا في تاريخ الرسم كله .

للوحة التي تعود للحياة لعلها أغرب لوحة من بين اللوحات التي قد ذكرتها لكم في هذا المقال، قد تبدو من اللوهلة الاولى لوحة عادية جدا لامرأة لكن ما أن تركز فيها حتى تدب للحياة في جسد تلك المرأة بشكل مفاجئ وتبدأ بالتصرف بشكل غريب ومرعب لا داعي أن احدثكم عن ذالك طويلاً شاهدو ذلك الفديو واحكمو بانفسك، الفديو متواجد في التعليقات .

تم

#اللوحات_المرعبة
#احمد_الرفاعي

عن الكاتب

مجله مملكتي

التعليقات


اتصل بنا

مبروك تم الاشتراك بنجاح فيه مجلة مملكتي سيصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظة

مجلة مملكتي