كتبت - د.سالي عبد المنعم
أصبح الآباء والأبناء يبنون بيوتهم على جرف هار من المال والجمال... فانهارت حياتهم وانتهت إلى الشقاق والطلاق وإن الحياة الزوجية التي تقوم على أسس سليمة لا تفشل، ولا تقضي عليها الخلافات العابرة، وقد تصمد أمام المشكلات العميقة، وكلما حسب الزوجان أن الخلاف حطم حياتهما أو نال من سعادتهما، نظرا مدة فإذا هما قد ائتلفا فعادت علاقتهما أقوى مما كانت.
فمتى لقيت في الأزواج امرأة أو رجلاً يطلبان من الطرف الآخر حقاً مفقوداً أو يسعيان وراء واجب مضيع كان في سؤالهما دلالة سيئة وعلامة ظاهرة على خطأ يشوب علاقتهما، لأن الزواج علاقة أعمق من أن تقوم على الحقوق والواجبات وحدها دون المروءة والنخوة والمحبة.
وكم بين الزوجات -اليوم- من تسأل عن حظها من تربية الأولاد، وعن مقدار الخدمة الواجبة عليها في البيت، وكأنها تخشى أن تتفضل على زوجها في حمل مسؤولية البيت! وتنسى أنها مثله مسؤولة عن رعيتها. وكم بين الأزواج من يسأل وجِلاً من أن يكون للزوجة حق في أن تسكن في بيت منفصل عن أهله، أو أن تقدم الهدايا لأهلها -من جيبه- وكأنه يخشى منها على أمواله وما رزقه الله، وينسى أن المال الذي يكسبه له ولها!
وكم بين الأزواج من يسأل عن مقدار حقوقه المعنوية! وهذا كيف نخبره، وبماذا نجيبه، والأشياء المعنوية يصعب أن تقاس كما تقاس المعادلات الرياضية؟ فلا يمكن أن نقيس إكرام الزوج لزوجته ونعادلها بمقدار طاعة الزوجة زوجها حتى يستوي الاثنان في الإحسان إلى بعضهما البعض. ولا يمكن أن نعد الظلم أو نحسب الأذى حتى يطمئن كل منهما إلى سلامة موقعه! فلا بد أن يجور أحد الزوجين على الآخر مقداراً يسيراً.
وهذه بلية ما لها دافع؛ فالحياة الزوجية علاقات معنوية ومادية، فأما العلاقات المعنوية فهي تقوم على التضحية والإيثار وإنكار الذات من الجانبين. وأما المادية فهي لا تكتمل إلا بالمعروف، ولا تزداد حسناً إلا بالكرم الأصيل والمروءة. فكيف نجبر الأزواج عليها؟
إن السعادة الزوجية على أبوابنا، وليس بيننا وبينها إلا أن تتغاضى الزوجة عن شيء مما يؤذيها، وأن يتغاضى الزوج عن بعض حقوقه. وأن يكرم كل واحد منهما الآخر. ونحن لو أوجدنا شيئاً من الود وبعضاً من الرحمة فقد عملنا لحساب سعادتنا وهنائنا.
مرحباً بالتعليقات الجديدة .