مشكلة التمرد وعدم الاستجابة للمذاكرة والامتحانات لدى الأبناء
بقلم أخصائية علاج نفسى وتعديل سلوك / سالى عبد المنعم
لماذا يتمرَّد أولادى علي؟
لماذا كلما حاولت اصلاحهم أكثروا من الأخطاء والتجاوزات؟
أختى الغالية
كل هذا سببه عدم وجود السلطة، وشعور الأبناء بأنه لا مرجِع لهم يَحترمونه فيَستشيرونه.
وإن "خفض الجناح للوالدين" مرتبة عالية تلي الإيمان، وإن لم يتعوَّد الصبي على الخضوع لوالديه بالطاعة والمرحمة صغيراً، فلن يلين لأحد ولن يكون إنساناً فاضلاً كبيراً
خضوع الابن لسلطة أعلى - هي والداه - شيء أساسي وضروري جدًّا في عملية التربية؛ وإذا صدف وجرَفه التيار وحاد عن الحق، سَهُل رجوعه وعاد للبر راضيًا قانعًا.
ولذلك قالوا قديمًا
"إن الله لَيزَعُ بالسلطان ما لا يزع بالقرآن"
أيها المربون :
الصغير ضعيف مهما بدا قويًّا، ومقلقل وإن بدا واثقًا. ومهما كان الصغير متمرداً ومشاكسًا تبقى ثِقتُه بأهله كبيرة، فينتظر رأيهم، ويحب الحزم ويَسعد بالحسم، ويسره أن يَضبِط والداه سلوكه ويحدَّا من طيشه،
ولهذا فائدتان:
1- يرتدع عن الخطأ ويتعلَّم الصواب.
2- يشعر بأهميَّته عند أهله وبحرصهم عليه.
فحافظوا على هذه الفِطْرة (الثقة والانصياع)، واستثمروها في التربية تُفلحوا وتنجحوا ولكن من الناس من يُهمِل هاتين الناحيتين، ويترك ضبْط أولاده، فإذا كَبِروا وظهر فسادُهم لم يَعُد ينفع فيهم نُصْح ولا توجيه.
وإن الطريقة المُثلى لتربية الانضباط تَكمُن في أمرين مهمين جدًّا :
أولاً : وضْع قواعد ثابتة واضحة، وقوانين منطقيَّة (فلا مجال لخَرْقها)؛ لأن الإنسان بحاجة لقوانين تضبطه، (والحرية الكاملة للمجانين)، و"الرجل" الكبير يُدرِك أبعادَ الأمور، ورغم ذلك يحتاج لقوانين تَضبِط سلوكه (في البيت والعمل والشارع)، فكيف بالصغير الذي يَعجِز عن الإدراك؟
ثانيًا : سلطة قوية تَضمَن التزامهم بالقوانين، وتكون مرجعًا لهم حين تَلتبِس الأمور عليهم.
والمفروض أن يتعلَّم الصغير كبْحَ رغباته والالتزام بالنظام
فالدنيا هكذا:
الإشارة الحمراء تُوقِف المستعجِل
موعد المدرسة يُوقِظ الطالبَ المُستغرِق في النو
والصلاة تؤجِّل أيَّ نشاط آخر
وعلى الإنسان أن يَنصاع لهذه القواعد شاء أم أبى، وأن يلتزم بالقوانين ولو بغير رغبتِه؛ لأن منفعتها أعظم من مشقَّتها، وعاقبتها خير وأبقى.
وأقصد بالقوانين تلك التي ترتبِط بالدين والقيم والأخلاق والذوق، كتجنب الكذب والسَّب ولا يخرج من باب الدار بلا إذن، ويلتزم الهدوء إذا نام والده.
والصرامة في أمور السلامة العامة، (فلا يلعب بالكبريت)، ويَلحقها الصرامة في الآداب الاجتماعية، وفيما يَخُص النظافة والترتيب، كأن يُنظِّف أسنانه قبل المبيت ، ويدخل إلى فراشه في الوقت المحدد، ويجلس إلى المائدة وقت الغداء ويُشارِك العائلة الكلام والطعام
ولا تقلقي على ابنك ولا تحزني عليه من مشقَّة الالتزام بالقوانين؛ فالخضوع للسلطة فِطرة لدى الناس الأسوياء، والطاعة -لدى الصغير- عمليَّة لا تفكير فيها، ومع الأيام تصبح عادة، وقد يتذمَّر من بعض الأوامر وقد يَمتعِض، على أنه سيتقبَّل أكثرها ولن يتضايق منها أبدًا
جرِّبي وسترين كيف سينصاع ويضبط نفسه عن طيب خاطر، بل لو أشفقتِ عليه مرة وسمحتِ بخرق القانون لن يقبل ! وسيُصمِّم على الالتزام به!
وليس في هذا أي ظُلْم للطفل؛ فقد جاء في كتب (علم النفس) أن الصغار يستطيعون أن يتعلَّموا -وفي سن مبكِّرة- ألا يكذبوا وألا يتشاجروا، والقوانين الواضحة تُشجِّع على الانصياع، وتريح الصغير وتُيسِّر التعامل بينكما، وتُسهِّل عليه إرضاءَك، والتزامه بالقوانين تلك سيجعله متميزًا وذا صفات راقية وهمة عالية، وسيثير إعجاب الجميع .
مرحباً بالتعليقات الجديدة .