مجلة مملكتي مجلة مملكتي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

مرحباً بالتعليقات الجديدة .

صرخة زوجة

كتبت هبه حامد

شق،صراخها أركان المحكمة حتى بدا للحاضرين كأنه استغاثة غريق يصارع أمواج بحارٍ في ليلة مظلمة.

"لا أريد الانفصال سيدي القاضي" ألقت كلماتها على الحضور ثم

ساد صمت رهيب أثقل القلوب،حتى كادت النبضات ان تتوقف .

"لا أريد الانفصال سيدي القاضي،ليس عشقا فيه أو توددا له،ولكني مجبرة مثل عشرات غيري،فأنا مقيدة بسلاسل مجتمع صلبة ،صدأة،التفت حول رقبتي وكلما حاولت التخلص بما تبقى لي من حياة،جذبتني لاسفل،فأشعر بعدها بالاختناق ،

ولا املك سبيلا سوى الانصياع والخضوع".

"لا أريد الانفصال سيدي القاضي،وهدم سجن الزوجية الذي تهدر فيه كرامتي وتغتال فيه انوثتي،لأن اصابع التقاليد القذرة ستشير إلي متهمة باني السبب في هذا الخراب".

" ياسيدي القاضي ،إن ألسنة المجتمع ستلاحقني في كل مكان،وستنعتني بأقسى الالفاظ،وستطاردني لعنة الطلاق أينما كنت،وسادفع ثمنها باهظا حينما تحاصرني

العيون،وتشتهيني النفوس في سراديب محرمة".

صمتت لحظات قصيرة،تمسح دموعها المتسابقة و تلتقط أنفاسها المتلاحقة ، ثم واصلت قائلة مشيرة إلى طفلين يقبعان في إحدى زوايا المحكمة:" ما ذنب هذان الطفلان ان يعيشا حياتهما بلا أب ،حتى وإن كان غائبا ،بلا سند حتى وإن كان وهما، أنا مثل غيري من نساء كثيرات ،بلا مصدر أو دخل يكفيني مصاعب الحياة ،بلا أسرة تستقبلني بحرارة وتحنو علي وقت الكرب، فأنا ياسيدي من

أسرة لا تؤمن بالطلاق حتى وإن كان علاجا ضروريا،حتى وإن داهمتها أعاصيرا وبراكينا،فالمرأة عندهم إذا ما تزوجت لا تخرج سوى لقبرها".

" فليس لدى طوقا للنجاة من بحار الظلم الذى أحيا فيه،ولا يوجد مخرجا لمتاهة التخلف التى أعيش بها،فهل ياترى توجد وسيلة لازالة غشاء الجهل عن قلوبهم وابصارهم"؟.

" سيدي القاضي أنا أعلم جيدا إن الاستمرار في هذه الزيجة ستقتلع كل جذور الثقة عني،وستحيل حياتي كلها لخريف دائم ،وإن أيامي لن تعرف موعدا للربيع مطلقا،أدرك جيدا إن الجحيم سوى يلتهم حطب امنياتي،وسانفخ في رماد أحلامي حتى لا أراها أمامي،ولكن هل لي حيلة غير ذلك؟! فالقهر قد غلبني،والظلم قد سخرمني والوجع قد افترش روحي بالسواد".

تنهدت بحسرة،وتابعت حديثها قائلة:" أريد الموت في كنف رجل نجح بجدارة في تحويلي لمسخ غير قادرة على مواجهه الكل ،لبقايا امرأة لملمت ثوب كرامتها البالية واحتضنت طفلين لا ذنب إن امهما بلا أمان أسري أو مادي".

صرخت بكل قوة وألم :" أفضل الموت وأنا أتنفس حياة الذل مع إنسان لا ينتمي لفصيلة الرجال،على ان أتنفس الحرية ومخالب المجتمع تنهش في جسدي".

تقدمت بخطوات مترنحة نحو القاضي وهي ترجوه قائلة:" أتوسل اليك سيدي القاضي ،لا تجعلني احمل لقب مطلقة،فليفعل هو مايشاء،وليعش حياته كما يحلو له،فقط لا يحرمني من مصدر يعيلني أنا واطفالي،ويمنعني سياط الأعراف والعادات الموجعة".

صمتت،وإنخرست معها كل الألسنة،وغرقت الإنسانية في أوحال اشباه

البشر،فرحمة يا الله بتلك القلوب المتهالكة التى لا سبيل لنصرتها سواك.

#هبةحامد#

عن الكاتب

مجله مملكتي

التعليقات


اتصل بنا

مبروك تم الاشتراك بنجاح فيه مجلة مملكتي سيصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظة

مجلة مملكتي