كتب محمود عبد الصمد
الابتسامة هيَ تلك الرسالة الدافئة التي يبعثها الوجه لمن حوله .. متدفّقة من أعماق الروح لتنشر هالة من السكينة والاطمئنان حولَ صاحبها.
هيَ تلك المحبّة التي تُخبر الأنفس بأنّ المحبّة لازالت في الكون .. والأرواح الطاهرة تسكن القلوب !
قال رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - ( أنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط الوجه وحسن الخلق ) رواه مسلم
وقال – صلّى الله عليه وسلّم-: ( لا تحقّرن من المعروف شيئاً ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق ) رواه الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان. وعن جرير بن عبد الله - رضى الله عنه- قال : ( ما حجبني النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي ) رواه البخاري
فضلٌ عظيم .. وإرشادٌ أعظم لبثّ المحبّة حولَ البشر. وسيلة لنشر الطمأنينة في القلوب .. و الثقة المبدئيّة في الأشخاص الذين نتعامل معهم لأوّل مرة. . فمهما بلغ الجمال في الشخص الذي تتعامل معه .. لن يستطيع طمأنتك ما لم يرسم على محياه رسالة الابتسامة.
لا يكفي المال وحده لتأليف القلوب، ولا تكفي التنظيمات الاقتصاديّة والأوضاع الماديّة ، لابدّ أن يشملها ويغلفها ذلك الروح الشفيف ، المستمدّ من روح الله ، ألا وهو الحبّ ، الحبّ الذي يطلق البسمة من القلوب فينشرح لها الصدر وتنفرج القسمات فيلقي الإنسان أخاه بوجه طليق
يقول -صلّى الله عليه وسلّم- مخاطباً كلّ واحد منا: (وتبسّمك في وجه أخيك صدقة)! سبحان الله! بمجرد أن يبتسم أحدنا في وجه أخيه فإنّه يكون بذلك قد تصدّق بمبلغ من المال دون أن يدفع شيئاً!! إنّه أسلوب نبويّ كريم لمن لا يملك المال.بل إنّ البيان النبويّ حدّد لنا أنّ التبسّم يجب أن يكون في الوجه، أي أنّك تتبسّم وأنت تنظر لوجه أخيك، وهذا قمّة التأثير، ويؤكّد العلماء حديثاً أنّ الابتسامة ينبغي أن تكون من نوع خاصّ، بل وتجدهم يؤلّفون كتباً وأبحاثاً عن طرق الابتسامة والطريقة الفعّالة لهذه الابتسامة. وقد وجدوا بالفعل أنّ الطريقة المثلى هي أن تبتسم وأنت تنظر للشخص الذي تحدّثه، فهذا سيعطيه شعوراً سريعاً بالاطمئنان، وقد تكون هذه الابتسامة مصدر رزق بالنسبة لك!إنّ الحديث الشريف يتفوّق على العلم البشريّ؛ لأنّ العلماء ينصحونك بالابتسامة من أجل مصلحة دنيويّة قد تكون من أجل الشهرة أو المال، ولكن النبيّ الكريم حدّد لنا هدفاً أعظم بكثير، وهو التقرّب من الله تعالى بهذه الابتسامة، ولذلك سماها (صدقة)، فما أكرم هذا النبيّ - صلّى الله عليه وسلّم!وأخيراً، هل نعمل بالهدي النبويّ الشريف ونتصدّق ونوزّع الابتسامات على كلّ من نقابلهم، ليس لكسب ثقتهم أورضاهم، بل لكسب رضوان الله تعالى، لأنّنا إذا استطعنا أن نصلح العلاقة بيننا وبين ربّ العالمين، فإنّه سيسخر الدنيا بأكملها لخدمتنا.
مرحباً بالتعليقات الجديدة .