كتب / دكتور مسعد السيسي
الاسم صابر ، والمهنة معاش ، وربما كانت التهمة ايضا ، معاش.
قمت من نومي اليوم سعيدا غير كل يوم ، فسوف يعّمر المعاش حافظة نقودي. لن يعّكر صفوي الا البقال ، والجزار ، والفكهانى الذين ينتظرون مثلي ، هذا اليوم . لكني بعد خروج فلوسي اليهم ، اقول لهم همسا بسخرية ، بفلوسى ياكلاب.
أرتدي ملابسي علي عجل وانا أشاهد أحد الافلام القديمة في التلفا
ز القديم علي قناة ماسبيرو زمان ، مرزوق أفندي اديله حاجة ، ضحكت وقلت في نفسي ، مرزوق أفندي أخد كل حاجة .
تذكرت صديقي وتوأم عمري الذي نقلوه الي المستشفي بالامس ، حين صدمته سياره وهو يعبر الشارع ببطء ، وهمست ، ربنا ياخده ويستريح من القرف اللي هو فيه ، والغلب اللى شايفه ، حيموت شهيد ابن المحظوظة .
قبل خروجي ، جاءني الامر واضحا ، سيب فلوس قبل ماتنزل نجيب غدا. وضعت خمسين جنيها علي حافة المنضدة ، فسمعت وانا أغلق الباب نفس الصوت ، اعمل حسابك ، الغدا فول بالطماطم ، وهات معاك عيش وانت جاي.
تحسست الخمسن جنيها الباقية في جيبي وتأكدت من استقرارها . تذكرت اسماعيل ياسين وهو يقول في أحد أفلامه فتشني فتش . خرجت الي الشارع ، ماأسوأ حرارة شهر أغسطس. أشفقت علي من يموت في هذا الشهر ، ثم يكون مصيره أيضا جهنم ، فيصير عذابه مضاعفا.
قررت أن أذهب الي مكتب البريد سيرا علي الاقدام. في جيبي خمسون جنيها ومن الافضل أن تبقي سليمة. مبرد المياه الرابض علي الرصيف ، أمام أحد المتاجر المشهور بالغش ، وغلو الاسعار أغراني بتناول كوب من الماء البارد في هذا القيظ الشديد . تذكرت رغبتي الملحة التي راودتني كثيرا ، ومازالت تراودني ، نفسي أعمل كولدير وأكهربه ، واتفرج علي الناس وهي بتتكهرب وأضحك واقهقه ، خلي الواحد يخرج من الغم .
وقفت في الطابور الطويل ، ركبتاي اصابهما الهرم ، المثانة تلح علي دائما . هل هو السكر ام تضخم البروستاتا. ليتني ماتناولت كوب الماء ، ربما كان هو السبب . فزت بالمعاش بعد عناء وكان أول مافعلته ، شراء جريدة الاهرام . لم أقرأ الجرائد منذ سنوات ولكنني سوف استعملها في اخفاء بعض البلل الذي أصاب بنطالي . سوف تساعد حرارة الجو الشديده علي جفافه بسرعه فاستعمل الجريدة في ستر رأسي من حرارة الشمس بعد أن سترت بنطالي .
استوقفني شخص تعرفت عليه بعد تفحص وجهه ، انّه صديقي الطبيب الذي لم أره منذ سنوات . عيناه الفاحصة كشفت كل شيئ . ابتسم وهو ينظر الي الجريدة التي تخفي جزءا من بنطالي ، وقال لي ، عادي بتحصل . شكوت له من سوء صحتي ، ولخبطة السكر ، والحاح المثانة ، واحراجها ّ الدائم لي. اقترح علي اقتراحا فقبلته علي الفور.
بعد ساعات ، كنت أرقد في المستشفي التي يعمل بها صديقي. انهالت زيارات الاصدقاء والاقارب ووضع كل منهم تحت المخدة ماتجود به نفسه . رأيت زوجتي تجلس علي حافة السرير ، وتفتح كيسا ، وتخرج منه علبة من البلاستيك لترفع غطاءها وهي تقول ، الفول بالطماطم ، جبت العيش؟؟؟
مرحباً بالتعليقات الجديدة .