بقلم/لطيفة االقاضي
الثقافة في فلسطين هي الهوية الفلسطينية على مر العصور والتاريخ،حيث أن معظم الكتاب والأدباء الفلسطينين ناضلوا على إختلاف توجهاتهم الايدلوجية من أجل إكساب و إعلاء الكلمة بحجم الرصاصة، والخروج من طوق العزلة و المطاردة و المضايقة بتطوير أدواتهم الفنيه ونشر إنتاجهم بالمنابر المتوفرة.
إن بداية ظهور المجلات والصحف الأدبية و الثقافية في فلسطين يرجع إلى عام 1905 ميلادي ،حيث كان الإهتمام كبير بنشر كتابات المثقفين الفلسطينيين في فلسطين وفي الشتات ، و بالإضافة إلي نشر كل ما ينتجه الشعراء المثقفين وكبار الكتاب و الأدباء العرب المناصرين للقضية الفلسطينية، فكانوا المثقفون الفلسطينيون هم جزءا لا يتجزأ من الأوساط الفكرية العربية،من حيث إنتشار مستوى التعليم بين الفلسطينيين بطريقة كبيرة،فإنهم يعتبرون أكبر نخبة من المتعلمين في الوطن العربي.
بدأت الصحافة العربية منذ العقد الثاني من القرن التاسع عشر، فقد لعبت المجلات والصحف في تلك الأيام دورا كبيرا هاما سياسيا و ثقافيا في مقاومة الاستعمار و أستنهاض الشعورين الوطني و القومي .
فعلت عن روح جديدة في المجتمع العربي الذي يتطلع إلى الخلاص و التحرر والنهضة، فكانت المجلات والصحف الأدبية و الثقافية تساهم في نشر الوعي الإنساني.
ومن أبرز المجلات الأدبية والثقافية التي كانت تصدر في فلسطين (القدس _ الكرمل_النفائس العصرية_الفجر_الاتحاد _ الحقوق _صوت العروبة_جريدة غزة _الشعب _الطليعة ، وغيرها من الصحف المختلفة، فكانت صحيفة القدس هي أول صحيفة فلسطينية صدرت في القدس 1967، أيضا صحيفة النفائس العصرية التي أسسها خليل بيدي و نشر على صفحاتها الشعر والقصص، فكان لهم دورا مهما في رعاية الكتابة الأدبية، و على صفحات هذه الصحائف نشر أشهر وأكبر الكتاب الفلسطينيين، الذي كان لهم دورا بارزا في الحركة الأدبية.
و في خمسينات القرن الماضي برزت مجلات كثيرة مثل مجلة (الثقافة الوطنية _الطريق _العربي_ شعر _الآداب ) و المجلتين الأخيرتين تركا أعمق و أدق التأثير على حركة الأدب و الفكر العربي،حيث أنهما يعتبران بداية عصر الحداثة الأدبية.
وفي عقدي الستينات و السبعينات من القرن العشرين ظهرت مجلات متعددة ذات صبغة يسارية و ماركسية و قومية، حيث كان اهتمامها ينصب في أحوال العمال والفلاحين ، بالإضافة إلى ذلك ظهرت مجلات المقاومة الفلسطينية، ومن أهم المجلات مجلة (الحرية) 1960،و الذي قام بتأسيسها غسان كنفاني حيث أنها عبرت عن حركة القوميين العرب، و بعدها أسست مجلة (الهدف )1967،فكان شعارها (كل الحقيقة للجماهير)،لتعبر عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين.
وفي الثمانينات القرن العشرين ظهرت( الكرمل) و لقد أسسها الشاعر محمود درويش رحمة الله عليه،فهي تحكي عن الثقافة بإعتبارها حرية،و فعل الحرية لا ينمو إلا في الحرية و لابد من القتال في سبيل الحرية، وبعد ذلك أطلقت مجلة (مواقف ) والتي عبر من خلالها عن منهجية الحداثي ،ففي هذه الفترة ظهرت مجلة مميزة و فريدة من نوعها هي مجلة (رصيف 81) و لقد أسست سنة 1981 وهي للشاعر الشهير علي فودة ، الذي أستشهد أثناء حصار بيروت و هو يوزع العدد الثامن من المجلة على المقاتلين.
كانت المجلة (رصيف 81) في بدايتها معارضة لقيادة المقاومة و مؤسساتها، حتي انتهى الأمر بصدور عددها الثامن و الأخير على نفقة المنظمة بأمر من القائد الخالد فينا ياسر عرفات رحمة الله عليه.
كان حجم المجلة 15×27 في حين أن مجلة رصيف 81 بنيت فكرتها على أساس أن تكون منبرا بعيدا عن التحكم السائد بمنابر الإعلام و الثقافة، فضيت هيئة التحرير الشعراء على فودة،أكرم حاتم و هما كانا من العمالقة في الأدب و كانوا يعرفون في بيروت بأسم أدباء الرصيف و ذلك لأنهم يقضون طوال وقتهم في مقاهي العاصمة بيروت،فكانت مقهى (أم نبيل ) مكان تجمع هيئة تحرير المجلة و أيضا المقر الرئيسي للمجلة، فكان هذا المكان هو المفضل لمعظم الفعاليات الثقافية و السياسية .
عندما صدر العدد الأول من المجلة قوبل بأنتقادات كثيرة و قيل عن المجلة بأنهم لا يتقدمون في صنع الثقافة بل يشاهدونها عبر نوافذ من الرصيف ،و توالت ردود الفعل و مع صدور العدد الثالث أعلن رسمي أبو علي وهو أحد الأعمدة المهمة في المجلة على انسحاب وأصبح علي فودة رئيس التحرير،بالإضافة إلى ذلك كانت المجلة تصدر من غير ترخيص،و كان تمويلها عبر مجهودات فردية.
كانت المجلة حسنة وجميلة الغلاف ،حيث أنها تحمل عنوان غير مألوف، كانت مجلة ثورية بمفردات و أسلوب آخر غير المعتاد عليه الجمهور الفاكهاني و الجمهور السياسي و الثوري في هذا الوقت ،مجلة الرصيف كانت عبارة عن رؤيا مستقبلية و نهجا مستقبليا أيضا ،كان يكتب على صفحاتها الشعراء والكتاب المشهورين والبارزين.
و أيضا (مجلة الآداب) هي مجلة شعرية ثقافية ،صدرت في الثمانينات، أسسها الصحفي عفيف صلاح سالم فبدأت في الظهور في أواخر 1983،كانت هذه المحلة تحمل رسالة ثقافية فكرية سياسية،لإيمانها بأن الثقافة تلعب دورا مهما في توليد الوعي الجمعي، وأيضا للإرتقاء بالإنسان الفلسطيني و تبصيره لما يدور حوله،فقدمت الثقافة التي تخلق الوجدان الوطني المهتم بالقيم الإنسانية والاجتماعية و الثورية، فكانت ردود الفعل إيجابية لهذه المجلة ،و بالطبع هذا يعبر على أن الإنسان الفلسطيني على إستعداد ليتفاعل لكل مع كل ما يقدم له من مواد أدبية و ثقافية بالقدر الذي فيه تتجاوب هذه المادة مع أفكاره و تطلعاته.
أهتمت مجلة الآداب بنشر كافة المواد الأدبية والفكرية، والأدب الإنساني النضالي التقدمي الذي أنتجه الكتاب والأدباء في فلسطين والعالم العربي وفي الشتات ،إيمانا بضرورة تعزيز الثقافة الوطنية و تعميق الفكر التقدمي سواء طبقيا أو ديمقراطيا قوميا.
كانت في المجلة زاوية لمحررها المرحوم عفيف سالم و هذه الزاوية بعنوان (صفحات من دفتر خاص)،أيضا خصصت المجلة ملفات ومحاور خاصة تضمن العديد مما كتبه الشعراء و الكتاب العرب،أيضا أجرت المجلة
مرحباً بالتعليقات الجديدة .