مجلة مملكتي مجلة مملكتي
recent

آخر الأخبار

recent
random
جاري التحميل ...

المدينة نائمة




المدينة نائمة ..

بقلم -اسراء عبد الفتاح


حان وقت الاستيقاظ فلا بأس من ممارسة فِعلِ الفضفضة مع إحدي جُدران صومعتي الحزينة .. نظرتُ لها ثم قلت أابدأ ؟! ، أجابت : نعم ..
بدأت بقولي : أنا وحيد ، وحيد وحزين وخائف !
دمعي مُخبأ في بئرٍ من الدُموع ، أريد أن أبكي !
أبكي كما طفل فقد احدي الدُمي ، أحتاج أن أبكي بحرقةٍ دون أن يراني أحد أو يسمع آنيني أو أن أختبئ من أعين البشر في حُضن أحدهم فأبكي كما أشاء ، اُصدر آنين بُكائي كما اُريد ولا يَمّل منىّ ..
أعتدلت في جلستي قليلاً ثم قلت :
اتعلمي !
البُكاء زارني يوماً فامسكت طرف ثوبه كطفل ممسك بثوب أمه فـ مَللّ منيّ ورحل !
دائماً يرون داخل عيني لمعةً فيسألون عنها فـ أوجيب : أنها لمعة حُب الحياة !
نعم أحب الحياة التي قد اختارتها لي الحياة ..
حياتي تَكمُن في وحدتي ..
صنعت طَوقاً من آلامي ثم خيطُ جراح قلبي بيدي ، أخيطُ قلبي كل يومٍ وأنا مبتسم !
لا أبالي بـ أوجاعي ، اللامبالاة هي الدواء !
وقتاً طويلاً مضي وأنا انتظر أن يجئ أحد فيحتضني فـ أبكي لكن سُرعان ما علمت أنني أشبه نبات الصبار الذي لا يُمكنه أحتضان أحد ولا أحد يستطيع أحتضانه ، حسناً الآن أريد أن أبكي !
لا بأس لا بأس سأخبركِ بشئ آخير ..
كُل منهم رأي في آخر نوره الذي انطفأ علي يدي فذهبوا مهرولين اليهم وتركونني أبحث عن نور ! وكأنني المُذنب الوحيد الذي سَرق فرحتهم ونورهم جميعاً !
أعترف اليوم أنني كُنت لا شئ وأصبحت بلا شئ ..
كانوا هُم اللون الأخضر الوحيد في حياتي ، ثم أصبحوا الآن اللون الأزرق في قلبي ! لون الكدمات والاوجاع !
أعطيتهم كل شئ فكان في نَظرهم لا شئ !
اليوم مررت سهواً من أمام احدي الجُدران التي مشينا بجوارها يوماً ، لأري اسمائنا مُدونة بالطباشير فوقها .. بقيت الأسماء بجانب بعضها وتفرقنا ؟!
اندثت وجوههم بين أشيائي ، بين أوراقي ، بين كلماتي ، بين ملابسي ..
انظري هذا المعطف لآمسهم يوماً ما عندما احتضنني أحدهم ! رائحتهم مازالت به !
ابيّضت عيني حزناً عليهم كما ابيّضت عين أبي يوسف علي فُراق أبنه ! ، أصبحت ممتلئ بالذكريات وغَارق في بحيرات من العتمة ! ، أصبح قلبي صَدِأ بما يُكفي كي يقال عنه لقد اُفني ..
الوحدة تقتسم معي سريري ليلاً ثم في الصباح تُدير لي ظهرها مللاً منيّ ، حُجرتي التي تقتظ بالفوضي ، حياتي التي امتلأت بالعدم .. فعندما أستوي عندي الوجود مع العدم استندت قليلاً إلي الحائط لأنني لم اجد كتفاً استند عليه لقد مللّ الجميع منيّ ، فأخرجت الحائط يدها واحتضنتني ! ، هل أصبحت جماد ليشعر بي جماد مثلي ؟!
كُل الكون يُدير لي ظهره حتي انتِ أيها الحائط لو سنحت لكِ الفرصة ان تسقُطي فوقي ملّلاً وضجراً منىّ لفعلتيها !
فكيف لبشر أن لا يَمّل منيّ ؟!

عن الكاتب

مجلة مملكتي

التعليقات


اتصل بنا

مبروك تم الاشتراك بنجاح فيه مجلة مملكتي سيصلك كل جديد

جميع الحقوق محفوظة

مجلة مملكتي