كتب هانى عرفه
الباحث في الشؤون الإسلامية والعربية بالأزهر الشريف: مما لا يخفى على كل ذي عقل، أن النفوس البشرية جبلت على حب المال والغنى، وبغض الفقر وذم العوز والحاجة، ومن هنا نجد السواد الأعظم من الناس يلهثون وراء منابع المال ومصدره، ليظفروا بالسعادة في الدنيا والطمأنينة والراحة، قال تعالى (وتحبون المال حباً جماً) الفجر أية رقم (٢٠) .
أما إذا أمعنا النظر في كلام رب العالمين فاطر السموات والارض ألفينا الحق سبحانه وهبنا مفاتيحاً للأرزاق لمن سلك سبيلها، وأخذ بأسبابها حاز الفوز والقبول وتنعم بالسعادة الحقيقية في الدنيا والآخر. عن أبي أمامه الباهلي رضي الله عنه أ ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن روح القدس نفث في روعي أن لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها، وأجلها، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا يدرك إلا بطاعته) رواه أبو نعيم في الحلية.
ولقد علق العلامة المناوي في (فيض القدير) ( ان لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها) فاتقوا وثقوا بما عند الله: ثم تعبدنا بطلب المال من حله؛ فقال وأجملوا في الطلب_ أي تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا تآمر ولا نصب، ولا حرص ولا مكر ولا تهافت عليه.
وهنا سؤال يطرح نفسة هل نريد سعة الأرزاق، وبسطة العيش ورغدة فعلينا بالاتي:
(1) الصدقة : عن أبي كبشة الأنماري قال سمعت رسول الله صلى الله : ثلاثة أ قسم عليهن وأحدثكم حديثاً فأحفظوه قال؛ ما نقص مال عبدٍ من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزاً، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقرٍ.
فالصدقة باب عظيم من أبواب الغني والسعة على العبد، فمتى أنفق العبد أنفق الله علية قال تعالى (يا ابن آدم أنفق أُ نفق عليك) ودعاء الملكين في كل يوم ينشق فجره اللهم أعط منفقا خلفا، وأعط ممسكاً تلفاً، فما أجملها من دعوة للتنافس على الإنفاق .
(2) صدق التوكل على الله : قال صلى الله عليه وسلم (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطانا) فالطير أحسنت الظن والتوكل بالله وسعت متوكلة على الله فكان حقاً على الله أن يرزقها ويطعمها، فمن باب أولى المكرم ابن آدم قال تعالى (هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور) .
(3) المحافظة على الصلاة في وقتها مع جماعة المسلمين قال تعالى (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها لا نسألك رزقا نحن نرزقك والعاقبة للتقوي) فالصلوات محل تنزل البشارات، وفي هذا المقام نتذكر زكريا عليه السلام كلما دخل على مريم وجد عندها أندر الفواكه وأفضلها، في محرابها وموطن عبادتها وفي هذا إشارة الي إن الصلاة مفتاح الأرزاق.
(4) ملازمة الضعفاء وتفقد شؤونهم ومصالحهم فالنصر والرزق والجبر مرهون بقضاء مصالحهم قال صلى الله عليه وسلم (هل ترزقون وتنصرون وتجبرون إلا بضعفائكم).
(5) شكر النعمة بالقول أو بالفعل قال تعالى (اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور) فإذا كنت ترفل في نعم الله فحافظ عليها بالشكر والبعد عن المعاصي لأن المعاصي تزيل النعم وتجلب غضب الجبار قال تعالى( وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم وإن كفرتم إن عذابي لشديد).
(6) صلة الرحم تزيد الرزق وتبسطة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من سره أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثرة فليصل رحمة) .
(7) تقوي الله عز وجل من أفضل أبواب سعة الرزق فمتى حقق العبد التقوى كان حقاً على الله أن يرزقه قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وهنا يحضرني قول الشاعر :
ولست أرى السعادة جمع مال ولكن التقي هو السعيد
وتقوى الله خير الزاد زخرا وعند الله للأتقى مزيدا.
(8) كثرة الاستغفار تأتي بالأرزاق قال تعالى (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا، يرسل السماء، عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهار) فمن أراد السعادة والرضى ورغد العيش في الدنيا قبل الآخرة فليلزم ذكر الله تعالى ويحسن معاملة الناس ويخالقهم بطيب الأخلاق، جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله تعالي من وراء القصد وهو يهدي السبيل.
مرحباً بالتعليقات الجديدة .