بقلم سيدمحمدالياسري
من المؤسف ، والمؤلم اننا نحتفل بفوز المرشحين ، بدت وجهوهم هي ، نفسها ، من دون تريث ، ولا مراوحة ، استمرت بالوجود ، والتحالفات جاءت بتعابيرالأمس : لولا ان فلان الطيب الخلوق الشريف مرشحا مع قائمة فلان الفاسد المجرب اللعين ، لانتخبناه ، ولم تكتمل اللعبة بعد ، اذ النتائج لم تحصل على التأكد سقطت ( لو ) واصبح فلان الطيب تتجاذبه هموم الأصوات الضائعة من " لو " والفاسد ربح بافكار الناخب الضائعة في " لو" ، ولعل صورة الانتخاب هي بحد ذاتها تيهان في حملة تسقيط لـكلمة ( المجرب لايجرب) ، ولعل اللعبة باتت اشبه بفرس جرباء تعد لسباق الخيل مع صحيحة مكبلة ...
لا أدري الى أي سياقات قامت بداية الشعارات الأولية ، وكيف انحرفت ، الا ان الجميع – في وجه نظر الأكثر- على ادراك ان النصر الحقيقي تمثل بالبرلمان المستقل الذي لم يخرج للانتخابات ولم يغمس اصبعه بحبر الاشتباه، هو الوحيد يده بيضاء كيد موسى عليها السلام ، لانه لم يخسر كرسيه ، ولم يتحالف مع الشيطان كي يصل الى الرحمن ، وجهة نظر الذي وشح نظره عن كل المرشحين وادخلهم كلهم في دائرة " لو"، في حين تلى عبارة ازدواجية الشعب العراقي ، ثلثين منه انتخب مجاملة وعادت الوجوه نفسها ، الى خريطة الوطن الضائع ، ويكفي ان المالكي لوحده حصل ٩١ الف صوت يعني لازال الناس بلابصيرة ، ومازالت العيون لاترى انه رئيس الوزراء الذي بيعت في زمنه بنات وطنه سبايا ، تحت اذناب " اسقط " خلق الله ان كانت عبارة السقوط تفي بالغرض ، واراها انزه من هؤلاء ..
انتخاب القديم يعني انه اسقاط لكلمة الحق ، وانتخاب الجديد مع تحالفه مع القديم ضحك على الذقون ، لانه بالأمس صاح باعلى صوته : انا الجديد ، واليوم يرفع عقيرته : انا التحالف ... اين ذهب هذا وأين صار ذاك حشرجة بقلوب الناخبين ودمعة في عيون البسطاء ، وهم ينظرون للفائزين يرقصون بلا حياء في الشوارع احتفاءً بالنصر الذي لم يكمل مساره الى مقبرة الخلود ، المطوية بالمجد والنسيان معا.
سأتكلم عن لغة المنتصر تاركا خلفي النزاهة والشرف لكل المرشحين ، لان المجرب عرفناه قبل سنوات " خرّاجة " او " دمامل " في جسم الوطن ، لا فائدة بها على الاطلاق فدمها فاسد ، وعلاجها إخراجها من الجسم العليل كي يصحو ، اما الجديد غير المجرب فعلى المحك ، وأول سقوط له رضوخه لتحالفات المجرب ، حينها لاتسأل هل أصابه الجرب ؟ او هل تحول الى دمامل ؟ لذا سأرتب ترتيبا خاصا لم ينتبه اليه احد بعد افراغ المرشح من قديمه وجديده ، فاسده وصالحه وترتيب الفائزين كالاتي :-
الأول – النصر ، حصل على أصوات الشعب الحقيقية بنسبة ٧٧.٧ ٪
الثاني – الفتح ، حصل على أصوات الشعب الحقيقية بنسبة ٧٢.٢ ٪
الثالث – سائرون ، حصل على أصوات الشعب الحقيقية بنسبة ٦١.١٪
الثالث مكرر ، الحكمة ، حصل على أصوات الشعب الحقيقية بنسبة ٦١.١ ٪
الرابع ، القانون ، حصل على أصوات الشعب الحقيقية بنسبة ٥٥.٥ ٪
هذا الترتيب ليس فيه غش بل هو الحقيقة اذا اعتبرنا العراق شعبا واحدا ليس فيه تجزء ، لان هذه النسب هي مدى انتشار القائمة في المحافظات ( ١٨ ) محافظة. احتلت كتلة النصر فيها ١٤ محافظة ، وتلتها الفتح ١٣ محافظة ، وبعدها سائرون والحكمة لكل منهما ١١ محافظة ، وبعدها القانون ١٠ محافظات ، والقوائم الأخرى التي لم تصل الى نصف المحافظات (٩) اسقطت لانها لاتمثل نصف العراق وهي بالمعيار الوطني متقوقعة على نفسها بين المذهبية والقومية الخ من المسميات والتقسيمات التي تسير بها الأحزاب وترفضها لفظا.
وتعد قائمة النصر التي حصلت على (٨) نائبا في الموصل الأول على العراق ، لانها خرجت من البيت الشيعي ، لتكون بيتا لكل العراقيين باعتبار ان الموصل ، تعد من البيت السني حسب التقسيم البرلماني والمعتمد والسياسي القائم على ثلاث ( شيعة وسنة واكراد ) التي سقط فيها الأخير من عراقيته ولم يحصل أي أصوات خارج القوقعة التي ادخل نفسه فيها ( القومية) فانه مازال يختبيء تحت نارها الموقدة ، ان خرج احرق ، وان بقى ظل عمي البصيرة لا يرى الا النار التي تسجر في تنوره لخبزه .
قد تثير نقطة كيف حصل النصر والفتح على نواب في الموصل والانبار وصلاح الدين ؟ وربما يفكر شخص اخر في ان النواب ليس من المذهب الشيعي . فهل دخلوا هذا البيت امنا ، او انهم انزووا تحته؟ وهنا نقول : كيف انتخبهم الشعب ؟ وفيه نشعر ان اول نقطة حسنة تشير الى الامل هو ادراك الشعب ان المسميات الاخرى لم تعد موجودة وان الانتماء الوطني هو الذي دفعهم -والشعب اقصده ان كانوا متحزبين ، ام مواطنين رأوا ان يختاروا أحزابا او أشخاصا تمثلهم- فأول حسنة حصدتها الانتخابات وتعتبر بارقة امل ان من دخلوا في قائمة النصر تجاوزا مسميات ، وان من انتخبهم انتخب العراق ، وان كانوا جزء من منظمومة الفساد او مشتبيهن فيه على ان كل مرشح عليه إشارة تخرجه من طور النزاهة وتضعه في دائرة الاشباه على اقل تقدير ، فان الناخب فكر بكل شيء وخطى اول خطوة صالحة بدأت من حيث الدمار في كل شيء فأراد الانسان الموصلي ان يبني نفسه أولا وحين يفشل نوابه ستكون الحسنة شر نقمة وقد لا يعود الموصلي للثورة البنفسجية الا بصعوبة .
في الجنوب سيصاب الناخبين بخيبة امل في أي تحالف ، مهما كان ، واي نوع من هذا التحالف ، ليس لان شجرة السياسة ينخرها السوس ، وعدم الثقة ، بل لان الدعاية الانتخابية كانت خاطئة في كل الكتل والأحزاب والافراد من دون استثناء ، لان الكتلة لم تطرح برنامج وتختار طريقا ، بل اختارت جميع الكتل اظهار محاسنها بكثرة التركيز على عيوب الكتل ، فاصبح الناخب ( غير المتحزب) عندما اختار ، كتلة ما ، فان اختياره عائد على المحاسن الجيدة ، وترك الكتل الباقية ، على انها قمة المساويء ، فكيف يخونه من انتخبه ويأتلف مع السيء .
الحصة الأكثر انتقاما وستظل تتحدث بالشارع مهما عمل لها ، ستكون حصة المواطن الذي انتخب بسبب ضغوطات نفسية ، او اجتماعية ، او دينية ، او حزبية وتدخل الأعراف والتقاليد ، وهؤلاء كثيرون كما رأيناهم ، ربما القليل منهم من قبض الفتات من الطعام كرصيد، سبيس ، عمود كهرباء ، محولة ، لكن الأكبر من قبضوا هبات عينية ، مثلاً (ابن عمه او صديقه عينني ، نقلني ، نقل ابن عمي ، اقاربي ، صديقي ، شيخنا قال انتخبه ، رجل الدين فلان اوصاني ، وهكذا من الهبات العينية ) التي لاتخدم الا الوجوه القديمة وان فازوا فليعلموا انهم فازوا بتلك الهبات التي اكثرها مداهنة على حساب الوطن .
تظل الفئتان المنشقتان من فئة ، فئة الذين لم ينتخبوا ، فهم اثنين ، الأولى بسبب المفوضية واجراءاتها التعسفية من خلال عملية اجبار المواطن التي انتهت في الأخير من قبل العبادي ، باستلام البطاقة ، فهم وان استلموا فالكثير منهم ذهبوا مع الشق الأول : اني لا انتخب .. لا احد يستحق ...، اما هناك جزء لم يحصلوا على بطاقة الانتخاب وهم مابين ١٣-٢٠ ٪ تقريبا أي بين ٣-٥ ملايين من الناخبين قد ذهبت أصواتهم سدى بسبب المراجعات ، والمعروف من الدوائر الحكومية العراقية ( من دون استثناء) روتين تعسفي قاهر ممل ، جعل كل عراقي يكره ان يراجع أي دائرة من التعقيد فكيف بدائرة لا يكسب منها شيء ... هذا يحيل الى الشك ، انهم لو انتخبوا فانهم ربما غيروا واجه الخريطة الحالية .
عموما ان نسبة المشاركة دالة على الغضب ، وان المشاركين غيروا من الوجوه ، لكن فوز وجوه سببت دمار العراق دليل على ان هناك مجتمع لازال يشعر بالتعصب الاعمى او المخدوع بين تبعية مضلة او منفعة ، في النهاية الطريق الى الحكم هذه المرة اسهل بكثير بالنسبة للكتل والكيانات السياسية ، لانها حتما بأول اجتماع لاتفكر ان الناخب انتخابها كرها بالكتلة التي سيأتلف معها ، فالمركب غاص بالغضب من الجماهير واعتقد ، ان لم تنجح باعمال سريعة ، ورفع بعض الحيف عن الشعب سيبدأ بالتظاهر التسلسلي و بالمظاهرات المقبلة ستكون حالة أي حكومة صعبة اذا كانت هناك معارضة برلمانية للحكومة وغير داخلة معها في مطعم المحاصصة المشهور باشهى الاكلات ، والذي لايدخله الا من يملك فاتورة الفوز بالانتخابات ..
مرحباً بالتعليقات الجديدة .