قصة قصيرة بعنوان أنتِ أنا
بقلم -اسراء عبد الفتاح
كانت كـ قارب يُقاوم المَوج حتي مَزقت الرياح شراعها القوي ..
تقف أمام البحر تُتَمتِم ببعض الكلمات المسموعة ، أسمعها من بُعدي القريب منها كانت تقول : هذا البحر ما هو إلا لترات من دموع الهاربين إليه ، وأظن أن نصف هذه اللترات هي دموعي التي لم تُبكي بعد "
ثُم شهقت واختنقت وكأنها تَلفظ انفاسها الأخيرة ، لكنها حالة إجهاض ، اجهضت ذلك الحُب الذي وُلد بداخلها رويداً رويداً ، شهقت تزامُناً مع بُكاء السماء معها وكأنها رفيق الدرب الذي يفرح لفرحها ويَحضن بـ حُزنها ..
أقتربتُ منها ثُم قُلتُ لها : بإستطاعتِك أن تتوسدِ صدري وتبكي كما يحلو لكِ !
توقفت السماء عن البُكاء لكنها هي لم تفعل ..
أخذت تبكي وتقول : يا وَيح قلبي الباكي علي ضِفاف نَهرُكم !
ربت علي كتفها حتي هدأت ثم أطلقت تنهيدة حارة من أعماقها وأخذت تقول :
أخذوا شِغاف قلبي ، انني مُصابة بسرطان الخيبة والفُراق ، ثم بدأ يتحول الهدوء إلي صدي صوتها وهي تصرخ قائلة :
أنِّي ألعن كُل شئ وألعن فوق كُل شئ نفسي ، ثائرة علي ضعفي وعجزي بدونهم وانحداري نحو طريقم وهم لا يُريدونني ..
الهزائم زلزلت كياني فأصبحتُ حُطام ، غَشي الظلام عيناي كُنت أخفي مدامعي ومخاوفي عنهم حتي لا يُصيبهُم ما أصابني ، لم يكن لي مآرب أخري غيرهم ..
وماذا الآن !
أقف غي منتصف الآشياء والطرقات ، لا أري شئ ! ، كُل الذخيرة التي جمعتها ليوم كـ هذا اليوم نفذت فجأة ، وتفرقت عني !
تهشمتُ من الداخل ولا أحد رأي !
كُل ليلة يَخدشالآنين صدري ولا أحد يعلم!
انطفئتُ مراراً وتكراراً ولم أجد من يُضيئُني من جديد !
الليلة الماضية لم أقوي علي حَمل قلبي فسقط وسط كَومة من الدموع ..
لم أقوي أيضاً علي حَمله واسترجاعه لجسدي المُنهك من ذكراهُم فظل في كَومته يبكي علي حاله وظل جسدي المنهك يُراقبه في خيبة أمل !
دخلتُ غرفتي و ارتدتُ لباس النوم والتحفت ببطانة مُثقلة بأحلامٍ ماتت وأشخاص رحلوا ، وقلب سقط من موضعه دون رجعه ، كان يجب عليِّا يومها أن أحفظ ماء وجهي واتركهُم مُخلفة كُل شئ ، غادرتُهم وأنا مُثقلة بالخيبة ..
أتعلمي !
أنا أشبه الماء فهي كائن شفاف اللون مثلي كُل مَنْ يَمُر يترك بداخلي أثراً حتي فقدتُ هَويتي ، لا أعلم مَنْ أنا !
أشعلتُ النار بجسدي حتي أُضئ عتمتهُم ، أصبحتُ رماداً فعاقبوني علي رائحة رماد أشتعالي !
ابتعلتُ كَبسولات الصفح والرضا كي لا اتركهُم ، كَما أبتلعتُ الدموع التي خَلفوها حتي لا يَروا أنهزامي ..
وهبوا لعيني ظلالها ثُم اندثروا ، رموا بي كـ شبيه إنسان قتيلاً علي رمال الشاطئ فتحمد عقلي وقلبي ..
لكن كَفي !
أعترف بكوني لا أستطيع أن أكون مُكملة لأحدهُم ، لكني أعطيتُ كلما أملك ، واليوم زهبوا جميعاً عن بَكره أبيهُم ..
ُكانت هناك صَرخات مسموعة بداخلي ، صرخات هَشّمت نوافذ الصبر بداخلي ، أصوات أُسُد ونمور تفترس الفرائس ، الحرب العالمية الثالثة ناشبة بداخل رأسي ، مئة ألف شخص في دائرة يتحدثون أصرخ بهم كي يتركوني أستجمع قوي عقلي ولكنهم سيتلفوا رأسي قريباً ..
سأقول لكي شيئاً لا أحد يشعر به دوني "أن وجع الأحشاءِ كُلها لا يساوي قطرة واحدة في بحر وجع القلب"
كَم أوُد الآن أن أبكي في جُب فيمتلأ أو أصرخ في صحراء أو أطفئ نور النُجوم بنفخة من فمي كي يشعر العالم بـ جُزء صغير من الوجع الذي ألوذ به ..
هلا أجيبيني مَنْ أنا ! مَنْ ؟!
أجبتها والدمع يخترق وجنتاي : أنتِ أنا !